الفصل الثاني : أحكام
التأويل
التأويل : معناه ومناسبته
وإذا كان هذا هكذا. فإن أدى النظر البرهاني
إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما. فلا يخلو ذلك الموجود أن يكون قد سكت عنه في
الشرع. أو عرف به فإن كان مما قد سكت عنه فلا تعارض هنالك. وهوبمنزلة ما سكت عنه
من الأحكام فاستنبطها الفقيه بالقياس الشرعي. وإن كانت الشريعة نطقت به فلا يخلو
ظاهر النطق أن يكون موافقا لما أدى إليه البرهان فيه أو مخالفا, فإن كان موافقا
فلا قول هنالك. وإن كان مخالفا طلب تأويله.
ومعنى التأويل هوا إخراج دلالة اللفظ من
الدلالة الحقيقة إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل في غير ذلك بعادة لسان العرب
في التجوز من تسمية الشيئ بشبيهه أو بسببه أولاحقه أو مقارنه أو غيرذلك من الأشياء
التي عددت في تعريف أصناف الكلام المجازي.
وإذا كان الفقيه يفعل
هذا في كثير من الأحكام الشرعية فكم باالحري أن يفعل ذلك صاحب علم البرهان
فإن الفقيه إنما عنده قياس ظني والعارف
عنده قياس يقيني.
ونحن نقطع قطعا أن كل
ما أدى إليه البرهان. وخالفه ظاهر الشرع. أن ذلك الظاهر يقبل التأويل على قانون
التأويل العربي. وهذه القضية لا يشك فيها مسلم ولا يرتاب بها مؤمن. وما أعظم
ازدياد اليقين بها عند من زاول هذاالمعنى وجربه وقصد هذا المقصد من الجمع بين
المعقول والمنقول بل نقول : ما من منطوق به في الشرع مخالف بظاهره لما أدى إليه
البرهان. إلا إذا اعتبر الشرع وتصفحت سائر أجزائه. وجد في ألفاظ الشرع ما يشهد
بظاهره لذلك التأويل أو يقارب ان يشهد.
ولهذا المعنى أحمع
المسلمون على أنه ليس يجب أن تحمل ألفاظ
الشرع كلها على ظاهرها ولا أن تخرج كلها عن ظاهرها بالتأويل. واختلفوا في المؤول
منها من غير المؤول : فالأشعريون مثلا يتأولون اية الاستواء وحديث النزول.
والحنابلة تحمل ذلك علىى ظاهره.
والسبب في ورود الشرع
فيه الظاهر والباطن هو إختلاف فطر الناس وتباين قرائحهم في التصديق. والسبب في
ورود الظواهر المتعارضة فيه هو تنبيه
الراسخون في العلم على التأويل الجامع بينها. وإلى هذاالمعنى وردت الإشارة بقوله
تعالى "هو الذي أنزل إليك الكتاب منه ايات محكمات" إلى قوله والراسخون
في العلم"
Tidak ada komentar:
Posting Komentar
Silakan Komentar di bawah ini :